اذهب الى الأسفل
رؤوف
رؤوف
المساهمات : 95
نقاط : 11
السٌّمعَة : 11
تاريخ التسجيل : 14/08/2018

مركز العقد الرسمي في ظهير الالتزمات والعقود Empty مركز العقد الرسمي في ظهير الالتزمات والعقود

الثلاثاء أغسطس 14, 2018 4:10 am
إن منشأ الدليل الكتابي في القانون المغربي هو ما أوضحه الفصل 417 من ظهير الالتزامات والعقود بأنه ينتج من ورقة رسمية أو عرفية، ثم راح يعدد عدة أنواع من الأوراق وكلها أوراق عرفية، وقد جاءت على سبيل المثال لا الحصر، بدليل عبارة "ومن كل كتابة أخرى".

لقد كان هذا الفصل قبل تغييره وتتميمه بموجب الفصل الرابع و الخامس من القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية ينص على مايلي: " الدليل الكتابي ينتج من ورقة رسمية أو عرفية، ويمكن أن ينتج أيضا من المراسلات والبرقيات ودفاتر الطرفين وكذلك قوائم السماسرة الموقع عليها من الطرفين على الوجه المطلوب والفواتير المقبولة والمذكرات والوثائق الخاصة ومن كل كتابة أخرى، مع بقاء الحق للمحكمة في تقدير ما تستحقه هذه الوسائل من قيمة حسب الأحوال، وذلك مالم يشترط القانون أو المتعاقدان صراحة شكلا خاصا.".

لقد أحسن المشرع المغربي صنعا في صياغة النص المذكور والذي ليس له مقابل في القانون المصري، إذ استعمل لفظ "الورقة" للتعبير عن منشأ الدليل الكتابي لأن هذا اللفظ أعم في المعنى من "السند". فهذا الأخير معناه "الورقة المعدة للإثبات" أي الدليل المهيأ، أما لفظ "الورقة" فيستعمل في الأدلة الكتابية جميعا، سواء أعدت للإثبات أو لم تكن معدة، فيقال الورقة الرسمية والورقة العرفية، ويقصد بذلك الدليل الكتابي الذي يثبت به التصرف، ولو لم يكن معدا للإثبات كالرسائل والبرقيات والدفاتر التجارية.

لقد أشرنا سابقا الى الورقة الرسمية من خلال الفصل 418 من ظهير الالتزامات والعقود والتي ينجزها الموظفون العموميون بل وقد جاء في الفقرة الثانية من نفس المقتضى: " وتكون رسمية أيضا:

1-الأوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم،

2- الأحكام الصادرة من المحاكم المغربية والأجنبية، بمعنى أن هذه الأحكام يمكنها حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها.".

ولقد دلت العديد من الأعمال القضائية الصادرة عن محاكم الموضوع وعن محكمة النقض على الصيغة غير الظنية لمدلول الفصل 418 المذكور

وإذا كان الفصل المشار اليه هو السند الأساسي الذي يبين طبيعة الورقة الرسمية، فإن كل الفصول الآتية بعده توضح بجلاء المركز القانوني لهذا العقد الرسمي.

وهكذا ينبه الفصل 419 الى الدلالة القطعية لمضمون الورقة أو العقد الرسمي بالنسبة للغير وفق شكليات إجرائية وموضوعية يبينها الفصل نفسه. أما الفصل 420 فإنه يقر بالحجية للورقة الرسمية بين المتعاقدين.

الفصل 421 يثير مسألة تقديم دعوى الزور الأصلية وأثر ذلك على إيقاف تنفيذ الورقة. وأخيرا فإن الفصلان 422 و 423 فيحددان مناط بطلان الورقة الرسمية، حيث أن الفصل الأول يعتبر أن الورقة الرسمية التي تتضمن الشهادة المسماة " شهادة الإستغفال" أو "تحفظا" أو "استرعاء" تكون باطلة بقوة القانون، ولاتكون حتى بداية حجة. أما الفصل الثاني فإنه اعتبر أن "الورقة الرسمية التي لا تصلح لتكون رسمية، بسبب عدم اختصاص أو عدم أهلية الموظف، أو بسبب عيب في الشكل، تصلح لاعتبارها محررا عرفيا إذا كان موقعا عليها من الأطراف الذي يلزم رضاهم لصحة الورقة.".

وفي إطار الحديث عن المركز القانوني للعقد الرسمي في ظهير الالتزامات والعقود وجب الإدلاء باحتراز موضوعي أساسي يتعلق بمفهوم الموظف العمومي المحرر للعقد المذكور سلفا.

فهناك من يعتبر أن المراد بالموظف العمومي هو من: " تعينه السلطة الحاكمة للقيام بعمل من الأعمال، ولو كان لا يأخذ على ذلك أجرا، فكل موظف له صلاحية كتابة ورقة ما تصبح الورقة التي تولى تحريرها ورقة رسمية كيفما كان نوعها، مادام تحريرها داخلا في دائرة عمله. ".

وهو ما يتوافق مع توجه آخر مضيفا عليه "... أنه لايشترط في الموظف أن يكون من الأطر العليا أو الدنيا للوظيفة العمومية، أو يكون رسميا أو متمرنا أو مؤقتا، مدنيا أو عسكريا أو أن يكون مرتبطا مع الدولة بعقد من العقود أو خاضعا لنظام الوظيفة العمومية بل كل ما يشترط أن يكون هذا الشخص موظفا في الإدارة الوطنية أو يباشر مهمته بذلك في خدمة الدولة المغربية أو المصالح العمومية الوطنية أو الهيئات البلدية أو المؤسسات العمومية الوطنية أو مصلحة ذات نفع عام، وهذا ما يؤدي الى خلع صفة الموظف على بعض الطوائف من الأشخاص التابعين لإدارة أجنبية كموظفي السفارات الأجنبية في المغرب.".



ولكن أحد المهتمين لم يسر على نفس النهج حيث اعتبر "..أن الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود، لم يكن موفقا في تعريفه هذا، حين تحدث عن الموظفين العموميين الذين لهم صلاحية التوثيق وتحرير العقود. إذ أن التوثيق وتحرير العقود ليس أساسا من مهام الوظيفة العمومية. وإن كان القصد من هؤلاء الموظفين هم الموثقون العصريون، فإن هذا النص من جهة أخرى لم يتحدث عن طبيعة الأوراق الإدارية، الصادرة عن الإدارة العمومية، في نطاق صلاحياتها الوظيفية، ولا عن حجيتها.".

وقد رجح لدينا التوجه الأول وذلك لعلل موضوعية نوردها كالآتي:

كون عبارة الفصل 418 تتحدث عن الموظف العمومي بصيغة عامة دون تخصيص،

كون ظهير الالتزامات والعقود الأسبق زمنيا في الصدور عن النص القانوني المنظم لمهنة التوثيق والذي أضفى على الموثقين صفة الموظفين العموميين. فالأول تاريخه يعود الى سنة 1913 أما الثاني فلم ير النور إلا سنة 1925،

من باب الأولى موضوعيا اعتبار الوثائق الصادرة عن الإدارات العمومية بواسطة موظفيها أوراق رسمية وفقا للشروط الشكلية والموضوعية المنظمة لذلك.

وفي ظل هذا التجاذب الفقهي، فإن الدعوة لتعميم الرسمية خاصة في مجال المعاملات العقارية، ظلت قائمة وشكل الفصل 489 من ظهير الالتزامات والعقود مدخلا فقهيا للمناداة بها. فكانت الاستجابة لذلك باعتماد مبدأ التدرج.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى